الفصل 8: اللقاء مع هيلينا باركر (1)

 

عندما خرجنا من البوابة، كان المغامرون الذين كانوا يحرسونها في حالة صدمة ودهشة، إذ استطعنا تخطي بوابة المستوى A في أقل من ساعة، كما هو متوقع من ميكا أماي…

 

كانت ميكا تنتظرني داخل سيارتها، فاندفعت نحوها ودخلت السيارة بسرعة.

 

قالت ميكا وهي تحدق بي: “ما الذي أخرَك كل هذا الوقت؟”

 

أجبتها بابتسامة مُرّة: “لقد أذهلني أسلوبك في الهجوم قليلًا، واستغرقني بعض الوقت لأستوعب ذلك.”

 

ابتسمت ميكا وقالت: “لا داعي لأن تكون مندهشًا هكذا يا تلميذي، قريبًا ستكون قادرًا على امتلاك هذه القوة، وأعتقد أنك قد تتجاوزني يومًا ما.”

 

لم أجد كلمات لأردّ، فكتفيت بهز رأسي موافقًا.

 

تابعت ميكا حديثها: “لنعد إلى القصر الآن، عليّ القيام ببعض التحضيرات مع إيجيس. سأغيب لمدة تتراوح بين عشرين وخمسة وعشرين يومًا، وسأعود قبل بداية العام الدراسي الخاص بك.”

 

وأضافت: “يمكنك البقاء مع إيجيس في القصر، ويجب أن تحسن مهاراتك في المبارزة حتى أعود.” فهززت رأسي موافقًا.

 

وأثناء حديث ميكا، وصلنا سريعًا إلى القصر. بعد أن أوقفت سيارتها، دخلنا القصر، وما إن دخلنا حتى التقينا بضيفة.

 

عند رؤيتها، عبّست ميكا حاجبيها وقالت…

 

قالت ميكا وهي تبصق بغضب: “ماذا تريدين يا لعينة؟ قلت لك ألا تزورين قصري وكأنّه فناء منزلك الخلفي!”

 

وقفتُ بجانبها أراقب الضيفة، فقد كانت ذات شعر فضّي طويل مربوط على شكل ذيل حصان، وعيون حمراء كالجمر مع حاجبين حادّين، ووجه جميل يأسر النظر. كانت ترتدي ملابس رياضية سوداء ضيّقة مع سترة سوداء مربوطة حول خصرها.

 

تلك الملابس الضيّقة أظهرت قوامها الرشيق بشكل مثالي، وكانت منحنياتها الجذابة تخطف الأنظار بلا مقاومة!

 

كانت تمسك سيجارة بين شفتيها وتبتسم بسخرية تجاه ميكا التي كانت تلعنها.

 

اتسعت عيناي لرؤيتها، لكن سرعان ما عدت لأحافظ على وجهي المتجهم. كنت أعلم من هي؛ اسمها هيلينا باركر، وعنصرها الكهرباء مثل عنصري، وهي عضو في المنظمة الشريرة “الظل”.

 

بينما كنت أتأمل في نفسي، تجاهلت هيلينا ميكا وظهرت أمامي مباشرة، ممسكة بكتفي، وكأنها تنقلت عبر الانتقال الآني، فلم أستطع حتى لمحة عن حركتها…

 

على الرغم من صدمتي من اقترابها المفاجئ، لم أُظهر أي شيء على وجهي، وحافظت على تعابير وجهي الثابتة، وحدّقت فيها بصمت.

 

ابتسمت هيلينا وأزالت السيجارة من فمها بيدها اليمنى وقالت:
“ألستَ الأمير الرابع لمملكة إسكراتيا، آريس فون روثستيلور؟ ماذا تفعل هنا؟”

 

حتى قبل أن أتمكن من الرد، طُردت هيلينا نحو الحائط نتيجة ركلة ميكا، وظهرت تشققات تشبه شبكة العنكبوت حين اصطدمت بالحائط.

 

تمتمت ميكا بغضب: “لا تلمسي تلميذي، يا لعينة!”

 

عند سماع كلمات ميكا، رفعت هيلينا حاجبيها وهمست بوجه متسائل: “تلميذ؟” ثم نهضت وظهرت أمامنا مجددًا في لمح البصر، وكأنها لم تتأذَّ، متجاهلة ركلة ميكا وكأنها معتادة على ذلك…

 

سألت ميكا وهي تحدق بيني وبين هيلينا: “كيف تعرفينه؟”

 

وجهة نظر الشخص الثالث

 

على الرغم من أن آريس كان أميرًا، لم يكن أحد يعرفه جيدًا، إذ لم يكن منصبه في المملكة ذا أهمية كبيرة، ولم يظهر أبدًا في أي فعاليات اجتماعية. وعلى الرغم من أن الجميع قد يكون سمع باسمه، إلا أن القليل فقط رأوا وجهه.

 

لكن، بالطبع، كانت ميكا وإيجيس على علم بهويته، إذ أخبرهما آريس عن مكانته في المملكة وكذلك عن رغبته في الانتقام.

 

وبمعرفة ميكا أن هيلينا تعرف من هو آريس، بدأت تشك في نوايا هيلينا.

 

تجاهلة نظرات ميكا الغاضبة، أجابت هيلينا:
“بالطبع، أعلم من هو، فقد حاولت منظمتنا تجنيده لما لديه من موهبة في المبارزة، ولا يمكن نسيان ذلك الوجه الوسيم بسهولة”، قائلة ذلك ابتسمت هيلينا بمكر.

 

وبمجرد أن أنهت كلامها، اجتاح القصر بأكمله شعور قاتل قوي صادر عن شخصين، محطّمًا جميع النوافذ الزجاجية، واهتز القصر كله وكأن زلزالًا قد وقع.

 

وكانت المصادر، بالطبع، ميكا وإيجيس.

 

نعم، حتى إيجيس المرحة عادةً كانت تبث شعور القتل نحو هيلينا.

 

أمام شعور القتل الصادر عن ميكا وإيجيس معًا، ظهر العرق البارد على جبهة هيلينا، وارتجفت يداها وسقطت السيجارة من يدها على الأرض، ثم رفعت كلتا يديها في الهواء، وتراجعت خطوة إلى الوراء في إشارة إلى استسلامها، وقالت بصوت متلعثم:
“ا-انتظر، د-دعوني أك-أكمل ما ك-كنت أق-أقوله…”

 

بعد ثوانٍ قليلة، تراجع شعور القتل الصادر عن ميكا وإيجيس، وصرختا معًا بصوت واحد:

 

“تكلّمي!!”

 

وبمجرد أن سمعت صوتهما العنيف، سقطت هيلينا على الأريكة بعدما تخدّرت ساقاها…

 

أخذت تلهث بشدّة لدقائق قليلة، ثم استعادت توازنها ونظرت نحو ميكا وإيجيس اللتين كانتا ما تزالان تحدقان بها بغضب شديد. تنهدت وأجابت:

 

“كان ذلك قبل ثلاثة أشهر حين حصلنا على معلومات عنه، ورأيت صورته في ذلك الوقت، لكن قبل شهر فقدنا الاتصال بالشخص الذي كان يراقبه، وضاعت آثاره.”

 

ثم واصلت في داخلها تفكيرها: “الآن عرفت لماذا فقدنا الاتصال بالمخبر الذي كان يتعقبه، ولماذا لم نتمكن من العثور على مكان آريس… بالطبع، لقد قتلته ميكا.”

 

ومع ذلك، حتى بعد سماع إجابتها، لم تتوقف ميكا وإيجيس عن التحديق الحاد بها.

 

ورؤيةً لتصرفاتهما، تابعت هيلينا قائلة:
“بالطبع، نحن لن نفعل له شيئًا الآن، إذ لا نريد أن نجعل من ميكا أماي عدواً لنا.”

 

وعند سماع كلماتها، خففت ميكا من حدة نظراتها، لكن بقي هناك بصر آخر مسلّط على هيلينا…

التعليقات