الفصل 22: الجارة الجديدة، ليفيا فروستين
دينغ!… دونغ!
رنّ جرس الباب فجأة بينما كنتُ مستغرقًا في تأمل قاعة التدريب الجديدة خاصتي. انعقدت ملامحي بانزعاج لحظة، وتساءلت في نفسي:
“من؟”
ففي هذه المرحلة لم أتوقع أن يطرق بابي أحد؛ بعد الضجة التي أثرتها في امتحان القبول، لم أظن أن أحدًا سيجرؤ على مصادقتي.
كلاك!
فتحت الباب، وإذا بي أُفاجَأ بشخص يقف أمامي… فتاة ذات شعر أزرق يلمع تحت الضوء.
“…”
صُدمت للحظة من حضورها المفاجئ.
ابتسمت وقالت:
“مرحبًا، سعدت بلقائك.”
بادرتها بابتسامة رسمية:
“أهلاً، كيف يمكنني مساعدتك؟”
مدّت يدها نحوي وهي تبتسم بلطف:
“تشرفت بمعرفتك، أنا ليفيا فروستين من الغرفة [22]… جارتك وزميلتك في الصف.”
صافحتها وأنا أبادلها التحية:
“أريس فون روثستايلر، وأنا أيضًا سعيد بلقائك.”
بالطبع كنا نعرف بعضنا من قبل، لكن هذه أول مرة نلتقي فيها رسميًا. وبعد أن تركنا الأيدي، ساد صمت غريب في الممر.
رأيت في عينيها بريقًا وهي تحدّق بفضول داخل غرفتي، وكأنها تلمّح إلى رغبة خفية.
ابتسمت بخفة وسألتها:
“…هل تودّين الدخول؟”
ما إن سمعت العرض حتى أومأت بحماس وكأنها كانت تنتظره.
“سيكون ذلك رائعًا،” قالت بابتسامة رقيقة.
فتحتُ الباب أكثر وأشرت لها بالدخول:
“تفضلي.”
دخلت مبتسمة بوجه أكثر إشراقًا، وأغلقتُ الباب خلفها.
سألتها وأنا ألتفت نحوها:
“مع أنني للتو انتقلت، إلا أن الغرفة كانت مجهزة بالكامل بالأثاث حين وصلت… هل الأمر كذلك عندك أيضًا؟”
أجابت ببساطة:
“أجل، لكنني أجريت بعض التعديلات لتصبح أكثر راحة بالنسبة لي.”
“أفهم… تفضلي بالجلوس، سأُحضر بعض القهوة.”
أومأت شاكرة وجلست على الأريكة بهدوء. ومن زاوية عيني لاحظت أنها بدت مألوفة جدًا بتصميم الغرفة، وكأن غرفتها مطابقة لغرفتي تقريبًا.
وضعت الغلاية على النار، وخلال ذلك شعرت بثقل اللحظة؛ كانت هذه أول مرة يظهر فيها طالب بعد الامتحان ويعاملني بودٍّ بعيدًا عن الخوف أو الكراهية. لم أرد أن أترك انطباعًا سيئًا.
قدّمت لها كوبًا من القهوة وجلست قبالتها وأنا أمسك بكوبي.
“شكرًا لك،” قالت وهي تتذوّق القهوة بحذر.
بعد رشفة هادئة سألتها مباشرة:
“ألستِ غاضبة من الطريقة التي أقصيتك بها في الامتحان؟”
وضعت الكوب على الطاولة ونظرت إليّ بثبات ثم هزّت رأسها:
“لا، لم تفعل شيئًا خاطئًا. كنتُ أنا من تصرّفت بغرور وتراخيت، فاستحقيت الهزيمة. لكن…” توقفت قليلًا، قبل أن تضيف بحمرة خفيفة على وجنتيها:
“كنتَ قاسيًا جدًا في ذلك الوقت.”
ابتسمت ابتسامة باهتة ولم أعلّق. غمرنا الصمت من جديد، قبل أن ألحظ في عينيها لمحة شفقة.
قالت بهدوء:
“أشفق عليك.”
“أملتُ رأسي متسائلًا: «ولِمَ ذلك؟»”
أجابت بصدق:
“لأنك جذبت كل الأنظار في امتحان القبول. من الآن فصاعدًا لن تعيش بحرية كما كنت، كل خطوة ستُراقَب، وكل خطأ صغير سيُحوَّل إلى سخرية وإدانة.”
كنتُ أعلم أنها تتحدث عن نفسها بقدر ما تتحدث عني. ليفيا وُلدت موهوبة، موضع تقدير أبراج السحر منذ صغرها، مدلّلة من والديها، لكن ليس من أجلها هي بل من أجل موهبتها. حياتها كانت مقيدة بتوقعاتهم الثقيلة، وكل نعمة تدفع ثمنًا.
استمر حديثنا قليلًا، مزيج من الودّ والحرج، حتى اعتذرت بابتسامة:
“آسفة على إضاعتي لوقتك، لم أشعر بمرور الساعات وأنا أتحدث معك.”
نهضت من مقعدها واتجهت نحو الباب، لحقت بها مودعًا. لكنها وقفت للحظة قبل أن تغادر، استدارت نحوي وقالت بابتسامة دافئة:
“شكرًا على استضافتك يا أريس… رجاءً اعتنِ بي من الآن فصاعدًا.”
“لا مشكلة—” حاولت أن أرد، لكن ما حدث بعدها وقع بسرعة خاطفة…
قبل أن أدرك الأمر، كانت قد فعلت شيئًا جعلني أقف مذهولًا دون حراك، بينما أغلقت الباب خلفها ورحلت دون أن تلتفت.
“!؟”
“…هل هذه طريقتها في توديع الجميع؟”
وبقيتُ واقفًا في مكاني، بوجه خالٍ من التعبير، لا أملك سوى الصمت.
منصف
Comments
Comments are being downloaded ...
Failure to download the comments.Please re -download the page.