الفصل الثامن عشر: إتمام المهمة

 

كان عدد طلبة السنة الأولى هذا العام ثلاثمائة طالب، وهو عدد يفوق أي عام مضى. وقد قُسِّموا إلى ثلاث فئات: أربعون طالبًا فقط في الفصل الخاص، ومائة وثلاثون في كلٍّ من فصلي ألفا وبيتا.
لكل فصل أستاذ مشرف ومدرّب قتال، إضافةً إلى مساعدَين أو ثلاثة. أمّا الطلبة فلهم حرية اختيار مقرّرات إضافية بحسب ميولهم، مثل الكيمياء، تكوينات السحر، فكّ رموز الحضارات المندثرة، وغيرها من الدروس.

 

وكان لكل فصل ميدان تدريبي خاص به، غير أنّ طلبة الفصل الخاص يتمتعون بمعدّات تدريب متقدمة ومدرّبين ذوي خبرة، مما يتيح لهم تطوير قواهم بسرعة تفوق بكثير طلبة ألفا وبيتا. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل حازوا أيضًا على امتيازات عديدة أخرى. لذلك كان الجميع يتنافس بشراسة للالتحاق بالفصل الخاص.

 

جلس آريس مع زملائه المستجدين في قاعة ضخمة بانتظار بدء الامتحان التحريري. وبينما كان 

ينتظر، أخذ يتأمل المتقدمين الآخرين، فرأى أنماطًا مختلفة منهم: اللامبالي مثل كلود فالديمار، الواثقة 

مثل آيلا يوجين، الكسول مثل لوكاس يوجين، المتوترة مثل زيونـا مادلوك، والضجرة مثل ليفيا 

فروستين… وهو نفسه لم يبدُ أكثر اهتمامًا منهم.

 

سرعان ما دخل الأستاذ القاعة حاملًا ساعة جيب، وما إن دقّت العاشرة حتى وزّع أوراق الأسئلة على 

الجميع باستخدام التحريك العقلي، وقال:

 “أمامكم ساعتان لإتمام الامتحان، ومن ينتهِ قبل الوقت فليسلِّم ورقته ويغادر. ابدأوا!”

 

انشغل الجميع بقراءة الأوراق، بينما ألقى آريس نظرة سريعة قبل أن يبدأ بالكتابة مباشرة. فقد كانت ذاكرته الفوتوغرافية تعمل كآلة بحث؛ ما إن تقع عيناه على السؤال حتى يظهر الجواب في ذهنه، فيدوّنه بلا تردّد. كان صرير قلمه السريع يملأ القاعة، فالتفت الطلبة والأستاذ نحوه بذهول، إذ رأوه يملأ الصفحات بسرعة مذهلة، ثم سرعان ما عادوا لامتحاناتهم.

 

وبعد دقائق قليلة دوّى صوت خافت في القاعة؛ لقد أنهى آريس امتحانه وكسر قلمه كأنما يعلن للجميع اكتمال مهمته. تقدّم بهدوء، سلّم ورقته للأستاذ، وغادر القاعة. ظلّ الأستاذ محدقًا بالورقة متمتمًا بدهشة:

 “لم يمر حتى خمس عشرة دقيقة؟”

 

أما البقية فقد تبادلوا النظرات المذهولة، فمعظمهم لم يبدأ حتى بالكتابة. سرعان ما أقنعوا أنفسهم أنّه لم يكتب شيئًا يُذكر، خاصة وأنّهم يرونه واثقًا من مقعده في الفصل الخاص.

 

لكن لحظة الصمت تلك قاطعها طالب دخل مسرعًا وهو يلهث قائلاً:


“آسف لتأخري يا أستاذ… لم يعمل المنبّه!”


فانهالت عليه نظرات الاستهجان من الجميع.

 

عند خروجه، تمتم آريس:


“لطالما أردت أن أنهي امتحاني وأكسر قلمي وأغادر بطريقة تبهر الجميع… أخيرًا فعلتها.”
كانت هذه إحدى أمنياته الصغيرة المؤجلة.

 

وخلال جولته في أرجاء الأكاديمية، لمح طفلة ذات أذنين وذيل قطّة تركض في الممرّات، بدا أنها من سلالة الوحوش. تجاهلها أول الأمر، غير أنها سرعان ما وقفت أمامه رافعة ذراعيها طالبة أن يحملها.

 

وبعد حين، وجد نفسه جالسًا على مقعد خارج المبنى، والفتاة نائمة في حضنه وهو يربّت على شعرها. تمتم محتارًا:


“كيف انتهى بي الحال هكذا؟”

 

وما إن دوّى جرس ما حتى قفزت الصغيرة من نومها، وركضت مسرعة بسترَتها الواسعة، وذيلها يهتز خلفها، تاركة آريس عاجزًا عن التعليق سوى بتمتمة صامتة. ثم مضى نحو غرفته ليتدرّب على التحكم بالكهرباء ريثما تُعلن النتائج.

 

في اليوم التالي…


تجمّع الطلبة حول لوحة الإعلانات المركزية حيث نُشرت نتائج الامتحان، وسرعان ما صُعق الجميع لرؤية المتصدر:

 

آريس فون روثستايلر – الدرجة الكاملة (10/10).

 

كان وقع الصدمة أشد على آيلا يوجين التي حلت ثانيةً بتسع درجات فقط. سارت مذهولة بلا وجهة، بينما يحاول شقيقها مواساتها. لم تستوعب أنها تفوّق عليها ذاك الفتى الذي لم يفعل قبل أيام سوى تقليب الكتب في المكتبة. تقبّلت أنّ أي أحد آخر قد يتجاوزها… إلا هو.

 

وفجأة اتسعت عيناها وهي تصرخ بجنون:
“انتظروا… لا تخبروني أنه كان يقرأ حقًا لا يَقلب الصفحات فقط؟!”

 

لكن قبل أن يتناقل الطلبة دهشتها، ظهر في السماء مُجسّم هولوغرامي ضخم أعلن أسماء الملتحقين بالفصل الخاص مع نقاطهم:

 

طلبة الفصل الخاص

  • المركز الأول: آريس فون روثستايلر – 67 نقطة

  • المركز الثاني: ليفيا فروستين – 46 نقطة

  • المركز الثالث: زيونا مادلوك – 38 نقطة

  • المركز الرابع: لوكاس يوجين – 35 نقطة

  • المركز الخامس: ديانا إليورا – 35 نقطة

  • المركز السادس: كلود فالديمار – 31 نقطة

 

في تلك اللحظة، كان آريس قد استيقظ بعد ليلة تدريب طويلة على التحكم بالكهرباء، وإذ بصوت تنبيه يرن في نظامه. فتح شاشته ليجد:

 

[إشعار النظام]
المهمة:

  • الحصول على أعلى معدل في امتحان دخول الأكاديمية ✅

  • احتلال المركز الأول في الامتحان النظري ✅

  • الانضمام إلى الفصل الخاص ✅

المكافأة: القدرة – اللغة الكونية (مكتسبة).

 

ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهه وهو يقرأ، بعد أن اكتملت جميع مهامه.

MONCEF

التعليقات