الفصل السادس عشر: نهاية امتحان القبول
بعد معركتي مع ليفيا، جلست على الأرض بوجهٍ متعب وقد استُنزف معظم المانا خاصتي. لكن سرعان ما سمعت أصوات قتال قريب، لم يكن يُسمع سوى صليل الحديد، فقررت التحقق من الأمر.
وعندما اقتربت من مصدر الصوت، رأيت لوكاس يوجين وزيونا مادلوك يتقاتلان بضراوة، بينما كانت آيلا يوجين تستخدم سحر الدعم على لوكاس لتعطيه الأفضلية.
وقفت بعيدًا عنهم، إذ لم تكن حالتي تسمح بقتالهم معًا، والأهم أنني فقدت سيفي الذي دمرته تلك الحقيرة ليفيا. هززت رأسي مفكرًا.
بعد دقائق من القتال المستمر، لاحظت أن كلاً من لوكاس وزيونا قد أُنهكا وغطّت الكدمات جسديهما.
“لم يتبقَّ الكثير على انتهاء الاختبار…” تمتمتُ، وقررت أن أتحرك.
رأيت لوكاس وزيونا ينقضان نحو بعضهما، على وشك الاصطدام مجددًا. عندها اغتنمت الفرصة، وغلفت جسدي بالكهرباء وانطلقت نحوهما بسرعة هائلة تاركًا خلفي أثرًا أزرق، ثم وجهت ضربة بذراعي الجليدية نحو وجه لوكاس.
كانا منشغلين بقتالهما لدرجة لم يلحظا وجودي ولا حضوري، حتى لو كانا منتبهين فلن يغير ذلك شيئًا.
ارتطمت قبضتي بوجه لوكاس، فطار بعيدًا بملامح مصدومة لا تكاد تصدّق، وكذلك زيونا التي هوت ضربتها في الهواء بعد اختفاء خصمها من أمامها.
ـ “تسْك!” ـ نقرّت بلساني غاضبًا لرؤية لوكاس ما يزال حيًّا، فرأيت آيلا تهرع نحوه وهي تصرخ باسمه بوجه مملوء بالصدمة.
“لووووكاس!!!”
تردّد صوتها في الغابة التي تقلّصت الآن إلى حجم غرفة.
أدرت رأسي نحو زيونا، فوجدتها تحدّق بي بغضب مشوّه قسمات وجهها الجميل. لا أعلم إن كان غضبها بسبب إفسادي معركتها مع لوكاس… أم بسبب هجمتي المفاجئة؟ تجاهلتها، وانقضضت على آيلا التي كانت تقترب من لوكاس بلا دفاع، ووجهت قبضتي الجليدية نحوها.
ضربتها في ضلوعها، فانطلقت بجسدها الرقيق بعيدًا، وتلاشت جسدها قبل أن تفهم حتى ما الذي أصابها… إذ تحولت إلى جسيمات ضوء معلنة إقصاءها.
فآيلا، بصفتها مستخدمة لسحر الدعم، لا بد أن يحميها شخص دائمًا. فما الذي يحدث إن لم تجد من يحميها؟
الموت… هذا ما يحدث.
رأيت ملامح لوكاس تتشوه صدمةً وغضبًا وهو يصرخ:
“آيييلااا!!!”
بصوت ميلودرامي.
ابتسمت بسخرية في داخلي، أفكر: “يا رجل، إنها لم تمت حقًا بل أقصيت فحسب… لقد مررتُ بيوم مات فيه شخص بالفعل، وكانت ردة فعلي أسوأ بكثير من هذا”.
أخرجت نفسي من الذكريات، ونظرت إلى ذراعي اليمنى التي استخدمتها كسلاح، فإذا بها متجمدة تمامًا مع عظام مهشّمة جعلتني عاجزًا عن تحريكها. تنهدت بعمق، وأملت رأسي نحو السماء، أغمضت عيني وارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهي…
تجاهلي لهم زاد من جنون لوكاس وزيونا، فانقضا عليّ من كلا الجانبين بأسلحتهما. لكن حين اقتربت أسلحتهما بوصات من عنقي، رأياني أقف مبتسمًا ابتسامة واسعة، مغمض العينين، رأسي مائل نحو السماء.
تجمّدا في صدمة، غير قادرين على فهم الموقف، إلى أن دوى صوت صفيرٍ إلكتروني قصير جعلهم يدركون الحقيقة.
حتى قبل أن تلامس أسلحتهما عنقي، كنا جميعًا قد نُقلنا فجأة إلى تلك الغرفة البيضاء التي دخلنا منها إلى الحقل السحري… لقد انتهى وقت الاختبار.
كنت أنا، ولوكس، وزيونا آخر الناجين. الغرفة البيضاء بدت فارغة، فقد غادر جميع المقصيين، باستثناء واحدة ما تزال تتعافى من صدمة الإقصاء وتنتظر لوكاس… إنها آيلا يوجين، شقيقته التوأم.
كان لوكاس وزيونا وآيلا يرمقونني بنظرات حاقدة، لكن الأستاذ لوّح لهم بمغادرة الغرفة عبر باب ظهر فجأة.
“أظنني محظوظ جدًا، أليس كذلك؟” تمتمت بابتسامة ساخرة قبل أن أغادر الغرفة، مما زاد وجوههم تشوهًا. وسرعان ما لحقوا بي.
بمجرد خروجنا من الغرفة، وجدنا أنفسنا أمام الاستاد الضخم المزدحم بالجماهير، وحولنا المرشحون الذين أقصوا مبكرًا. وفي المركز، شاشة هولوغرافية هائلة تُعرض عليها معركة لوكاس وزيونا، والجميع يتابعها بشغف.
“تأخر البث، هه؟ ستصابون بخيبة أمل في النهاية.” تمتمت بابتسامة ماكرة.
اختفى الباب خلفنا، وتعالت صيحات الجماهير بينما كانت الشاشة تعرض المشهد الذي هاجمني فيه لوكاس وزيونا من كلا الجانبين، ورأسي مائل إلى السماء وكأني استسلمت… لكن، لمفاجأتهم، اختفينا فجأة قبل أن يخترق سيف زيونا ورمح لوكاس عنقي. لتتحول الشاشة بعدها إلى المشهد الحالي حيث كنا واقفين.
صرخت الجماهير بخيبة:
“لاااااااا!!!”
وتعالت صافرات الاستهجان من كل أنحاء الاستاد.
“هل يريدون موتي بشدة؟” تمتمت بابتسامة محرجة.
ثم ظهرت النتائج على لوحة العرض الضخمة، وبدأ المشاركون الذين أقصوا مبكرًا بقراءتها.
أما أنا، فكنت أراقب نتيجتي بلا أي تعبير، فيما كان بعضهم ينظرون إلي بإعجاب، والبعض الآخر بازدراء… وأولئك الحاقدون هم بالضبط من كنت قد قطعت رؤوسهم سابقًا.
أعلن المذيع انتهاء امتحان القبول، ثم صعد نائب العميد ليتلو النتائج، رغم أن اللوحة كشفتها بالفعل:
النتائج:
- المركز الأول: آريس فون روثستايلر — 57 نقطة
- المركز الثاني: ليفيا فروستين — 39 نقطة
- المركز الثالث: زيونا مادلوك — 32 نقطة
- المركز الرابع: لوكاس يوجين — 29 نقطة
- المركز الخامس: ديانا إليورا — 28 نقطة
- المركز السادس: كلاود فالدمار — 25 نقطة
…
“لقد حطم هذا الامتحان الرقم القياسي لأعلى نتيجة يحققها مرشح في التاريخ. الرقم السابق كان 35 نقطة فقط، لكن هذا العام تجاوزه مرشحان دفعة واحدة!”
واصل نائب العميد خطبته الطويلة المملة، والتي لم تُثر اهتمامي، فأدرتُ وجهي عنها. ثم دوّى تصفيق عارم في الاستاد، ليُعلن بذلك انتهاء الحفل.
لم يكن هناك أي احتفال مبهر، فقط إعلان عن موعد الامتحان التحريري بعد يومين.
ذلك الامتحان سيتضمن عشرة أسئلة، كل سؤال بنقطة واحدة فقط، وهو أمر لا أهمية له كثيرًا لمن يملكون نقاطًا عالية مسبقًا.
ستُجمع نتائج الامتحان التحريري مع نتائج امتحان القبول، ثم تُعلن القائمة النهائية، حيث يُقبل أعلى أربعين مرشحًا في الصف الخاص.
شعرت بحدّات النظرات الموجهة نحوي من كل صوب، لكنني تجاهلتها وغادرت الاستاد عائدًا إلى الغرفة المؤقتة المخصصة لي…
اخوكم منصف
التعليقات