الفصل الخامس عشر: آريس فون روثستيلور ضد ليفيا فروستين
ثبت آريس بصره على ليفيا التي ما زالت جالسة على عرشها الجليدي بابتسامة تعلو محياها، وكان يدرك تمام الإدراك مدى خطورتها…
ففي الرواية، ستصبح أصغر كائن متسامٍ على الإطلاق وتحمل لقبًا سيرتجف له الجميع…
“ملكة الجليد”.
وُلدت ليفيا وهي تملك مخزونًا هائلًا ومرعبًا من المانا، وقد أظهرت موهبتها منذ نعومة أظافرها، حتى جنّ جنون برج السحر من أجلها، بل إن الشيوخ المنعزلين عن شؤون العالم في ذلك البرج أراد كل واحد منهم أن يتخذها تلميذة له.
انتشل آريس نفسه من تيار أفكاره وقام بحركته الأولى؛ إذ غلّف جسده بالكهرباء وانطلق نحو ليفيا التي لم تزل باسمةً على عرشها الجليدي.
لكن خطواته توقفت قبل أن يقترب منها، فحدّق في الأسفل ليجد أصابعه متجمدة بالثلج، وفجأة اندفعت نحوه رماح جليدية حادة.
بتر الض冰 الذي كبّل حركته وتراجع إلى الخلف، لتغرس الرماح في الموضع الذي كان فيه لحظة قبل ذلك.
لكن ليفيا، وقد رأت مراوغته، اتسعت ابتسامتها وأرسلت نحوه سيوفًا مصنوعة من الجليد.
أشهر آريس مهارته “الهلال الساقط” فأطلق أهلة زرقاء مضيئة اصطدمت بالسيوف الجليدية، فمُحي كلا الهجومين معًا، ولم يتبقَّ سوى بريق أزرق متناثر في الهواء.
وخلال كل ذلك لم تخفت ابتسامة ليفيا، بل ازدادت عيناها بريقًا كأنها تستمتع بالقتال.
واصل آريس استخدام مهارته، وأطلق أهلة زرقاء متتابعة مزّقت الأرض من حوله، فيما تحولت إلى حقل جليدي.
فبادرت ليفيا بإنشاء درع ضخم متعدد الطبقات يحيط بجسدها كله، وما زالت جالسة على عرشها.
انهالت ضربات آريس على الدرع، فهشّمت طبقات عديدة منه، وأحدثت الأخيرة شرخًا عميقًا في طبقته الأخيرة. رأى آريس الفرصة سانحة، فانقضّ ليخترق الدرع الذي يحجب رؤيتها.
وبالفعل، طعن بسيفه واخترق الدرع، مندفعًا نحو عنق ليفيا… لكن قوة غامضة أوقفته.
تحطّم الدرع العملاق وتبعثرت شظاياه، وما إن تلاشى الحاجز بينهما حتى اتسعت عينا آريس في صدمة؛ إذ رأى ليفيا تمسك بطرف سيفه بين إبهامها وسبّابتها!
حاول سحب سيفه سريعًا، لكنه كان قد فات الأوان؛ فقد تحوّل السيف إلى جليد امتدّ ليجمد ذراعه اليمنى أيضًا. ثم ضغطت ليفيا قليلًا، فتهشّم السيف إلى قطع صغيرة.
فقد آريس سيفه، وتحوّل ذراعه اليمنى إلى كتلة جليدية. نظر إليها فإذا بابتسامتها تزداد اتساعًا كل لحظة.
استشاط غضبًا، وغطّى ذراعه المتجمدة بالكهرباء ثم سدد لكمة مباشرة إلى وجهها.
لم تتوقع ليفيا هذه القسوة، فارتبكت، وحاولت أن تُنشئ درعًا جليديًا سريعًا، لكنه تحطم في لحظة، وارتطمت لكمة آريس بوجهها مباشرة.
ارتدّت إلى الوراء بقوة حتى تشقّق عرشها الجليدي من أثر الصدمة. ولم يتوقف آريس، بل واصل لكماته المتلاحقة.
حاولت صدّ هجماته بأدرع متكررة، لكنها جميعًا تحطمت تحت قوة قبضاته التي واصلت إصابة وجهها بلا رحمة، حتى ارتجف جسدها كله.
وأخيرًا، تهشّم العرش، واندفعت ليفيا طائرة لترتطم بجذع شجرة خارج حقل جليدها، تاركة خلفها شقوقًا متشعبة على الجذع.
أدرك آريس أن ذلك لم يكن كافيًا لقتلها، فانطلق مجددًا بأقصى سرعته. وحيث إن الحقل الجليدي قد زال، لم تعد حركته مقيدة.
لمحته قادمًا بخط أزرق متوهج، فأمطرت عليه رماحًا وسيوفًا وبلّورات جليدية، وأنشأت درعًا رقيقًا على عجل… لكن بلا جدوى.
تفادى آريس جميع هجماتها بمهارته الحركية، واخترق الدرع الرقيق، ثم سدد لكمة في معدتها أطاحت بها بعيدًا، مخترقة الأشجار في طريقها.
اقترب آريس من مكان سقوطها، فوجدها ممددة على الأرض، وذراعاها مبسوطتان، وما زالت الابتسامة مرتسمة على وجهها رغم ارتجاف جسدها.
“….”
وقف آريس عاجزًا عن الكلام، متعجبًا من ابتسامتها في تلك الحال. اقترب أكثر، فلم تُبدِ أي مقاومة، بل تمتمت بصوت خافت لم يسمعه جيدًا، قبل أن تتلاشى بضربة أخيرة على وجهها.
لكن ما فهمه من حركة شفتيها كان:
“أنت مذهل…”
هز رأسه غير مصدق، وظن أن خياله هو من اختلق ذلك.
خارج الحقل السحري، ضجّ الطلاب والأساتذة بالغضب من نتيجة القتال بين آريس وليفيا.
في البداية، كانوا متحمسين لرؤية تبادل الضربات بينهما، لكن بعد دقائق تحوّل النزال إلى مجزرة من طرف واحد.
لم يستطع أحد تقبّل مشهد آريس وهو يلكم ليفيا بلا هوادة، ويرسلها متطايرة هنا وهناك، ثم يختم القتال بتحطيم وجهها الجميل، رغم أنها لم تكن تقاوم في النهاية.
حتى الفتيات اللواتي هتفن باسمه من قبل لزمن قصير، صمتن الآن بخيبة أمل. والأمر ذاته بدا واضحًا في غرفة الشخصيات المهمة؛ فقد استنكر الكثيرون طريقة آريس الوحشية، بينما وجدها بعضهم مقبولة، معتبرين أن القتال حتى الموت لا يعرف مساواة بين رجل وامرأة.
ثم دوّى صوت المذيع معلنًا عن عدد المتأهلين الباقين ووقت نهاية الاختبار.
لم يتبقَّ سوى أربعة مرشحين، بينهم آريس، ومعهم عشر دقائق فقط قبل انتهاء الاختبار.
أما الغابة فقد تقلصت إلى حجم ساحة مبارزة متوسطة، وكان قتال آخر مشتعلًا على مقربة من مكان آريس.
وسرعان ما ركّزت الشاشة على ذلك القتال.
اقترب آريس بذراعه اليمنى الجليدية، التي اتخذها الآن سلاحًا بعد أن فقد سيفه، ووقف على مسافة غير بعيدة عن ساحة النزال.
فرأى وجهين مألوفين يتقاتلان: زيونا مادلوك ولوكاس يوجين.
وبالقرب منهما، شاهد فتاة تستعمل سحر الدعم، لمساعدة أحدهما.
إنها آيلا يوجين، التوأم الشقيقة للوكاس.
ذات شعر قصير بني، وعينين بنيتين، ووجه جميل، وجسد رشيق.
كانت الوحيدة في فريق لوكاس التي تجيد سحر الدعم، وقد ساعدت الفريق لا بالسحر فقط، بل أيضًا بذكائها الحاد؛ فهي من أذكى الشخصيات في الرواية.
أما بقاؤها على قيد الحياة حتى هذه اللحظة، بسحر الدعم وحده، فهو إنجاز بحد ذاته، ورغم أن لوكاس كان يحميها، فإن ذلك لا يغيّر شيئًا، فهي ستدخل الصف الخاص حتمًا، نظرًا لندرة مستخدمي سحر الدعم.
أخوكم منصف
التعليقات