الفصل 50: وصول إيسكانور
غرااااااااااااااااااااااه!!!
دوّى هديرٌ مرعبٌ عبر أرجاء نيفارا، معلنًا قدوم تهديدٍ جديد.
لم يكن سوى إيسكانور، تنين الحمم البركانية.
“لقد وصلت أخيرًا… لنرَ أين بدأ هذا الفساد… ومن تجرّأ على إيقاظي والعبث بنظام الحياة. “
أغمض إيسكانور عينيه، مركّزًا حواسه.
شعر بوجود طاقتين مميزتين: إحداهما بيضاء، والأخرى سوداء.
“وجدتُها.”
بضربةٍ هائلةٍ من جناحيه، شقّ الغيوم واندفع بسرعةٍ خارقة نحو هدفه.
في السهل المغطى بالثلوج أسفل منه، كانت إسفيريليا تسعل الدماء، وقد قُطع ذراعها الأيسر.
تراجعت إلى الخلف وأوقفت النزيف بتجميد الجزء المبتور.
أمامها وقف وحش المهول مبتسمًا، عيناه الحمراوان تتوهجان بشراسة، ومخالبه الطويلة تخدش الأرض مع كل خطوةٍ يخطوها نحوها، مستعدًا لقتلها والانتقال إلى فريسته التالية.
شعرت إسفيريليا بضعف قوتها يتزايد. لقد كان من الحماقة أن تمنح هذا الوحش الوقت الكافي ليتأقلم — الخطأ نفسه الذي ارتكبته سابقًا مع “لين”.
“يبدو أنه لا مفرّ… هذا المخلوق الغامض مرعب حقًا.”
رفعت عينيها نحو السماء تبحث عن سبيلٍ للهرب أو فرصةٍ لاستخدام ورقتها الرابحة.
وهناك رأته — هيئة متوهجة تهبط من بين الغيوم متحديةً ضوء الشمس الخافت.
وبدفقة غضبٍ عارمة، تحوّل إيسكانور إلى نصفه التنيني.
ارتفع جسده حتى بلغ طوله سبعة أمتار، مكسوًّا بحراشف بنية مصهورة تتخللها عروقٌ متوهجة بلون الحمم الصفراء. جلده تصلّب كدرعٍ من الحجارة النارية، مشعًّا حرارةً وقوة.
بوووووووم!
هبط من السماء كالصاعقة، قاصدًا سحق الوحش بضربةٍ واحدة.
لكن المخلوق الأسود استشعر الخطر وقفز مبتعدًا، محطمًا الأرض من تحت قدميه ومخلّفًا حفرةً هائلةً بينما تناثرت الثلوج في الهواء كعاصفة.
غطّت إسفيريليا عينيها من شدّة الوهج والثلج المتطاير.
ولمّا انقشع الغبار، رأته — إيسكانور، تنين الحمم البركانية، النخبة العليا من التنانين.
واقفًا شامخًا وسط هالةٍ متّقدةٍ أذابت الثلج من حوله، وهيبته تشتعل كجحيمٍ حيّ.
وحين نظر إليها، رأى امرأة شابة أنيقة مغطاة بالدماء، بذراعٍ واحدة.
قال ببرود:
“إذن أنتِ من عشيرة التنانين البيض؟”
ازدادت نبرته جفاءً:
“حقيرة… هل هذه هي سلالة جيلكم؟ حقًا إنه عار على مملكة التنانين!”
عضّت على أسنانها من الغيظ، وانحنت رأسها خضوعًا، عاجزةً عن النظر في عينيه.
كل خليةٍ في جسدها كانت تصرخ بأنها أمام كائنٍ يفوقها أضعافًا مضاعفة.
حرارته اللاهبة ضغطت على صدرها حتى كادت تختنق.
كانت تريد الدفاع عن كبريائها، لكن حاجتها للمساعدة كانت أقوى.
دفنت كبرياءها، متجاهلة كل شيءٍ آخر.
كل ما كانت ترجوه الآن هو النجاة، لتقوى يومًا وتنتقم.
قالت بصوتٍ واهن:
“احذر يا إيسكانور العظيم… هذا الوحش قادر على التكيّف.”
لكن قبل أن تكمل كلامها، شقّ السماء هديرٌ آخر:
غرااااااااااااااااااه!!!
اختفى الوحش الأسود من مكانه، وفي اللحظة التالية ظهر بجانب إسفيريليا، مخالبه موجهة لتمزيقها.
غير أنّ إيسكانور رفع يده، وبإشارةٍ واحدةٍ من إصبعه أرسل المخلوق طائرًا في الهواء.
ثم أمسك بذيله، ودار به بسرعةٍ رهيبةٍ قبل أن يقذفه بعيدًا.
لكن الوحش، وقد أدرك الخطر، قطع ذيله بنفسه وفرّ هاربًا.
قال إيسكانور بازدراء:
“هاه، مخلوق وضيع… لكنه أذكى من أولئك الذين قاتلتهم من ذلك المكان الملعون.”
وأثناء ركض الوحش، رفع إيسكانور يده.
تكوّن فوقه دائرة سحرية ضخمة متوهجة باللون البرتقالي.
ومنها أطلق قذيفة حممٍ متفجرة أسرع من أن تُرى بالعين.
ابتسم المخلوق الأسود وقفز جانبًا — لكن الهجوم انحرف فجأة متجهًا نحو إسفيريليا!
ظهر إيسكانور بجانبها في لحظة، وشحن طاقته في كفه، وأعاد توجيه القذيفة نحو الوحش الهارب.
ردّ الوحش بتكوين كرةٍ سوداء عملاقة من الطاقة وقذفها في وجه الانفجار.
بووووووووووم!
الانفجار العنيف قذف المخلوق إلى منحدرٍ جليدي، لكنه استخدم قوة الارتطام للاندفاع مجددًا نحو إيسكانور.
شقّت مخالبه صدر إيسكانور، تاركةً جرحًا سطحيًا.
لمس التنين الجرح، فقطرة دمٍ برتقالية داكنة سقطت على الثلج فأذابته فورًا.
وفي لحظة، انفجرت هالته بقوةٍ عارمة.
الضغط الهائل تصدّع معه الأرض واهتزّت نيفارا بأكملها.
رفع الوحش يده اليمنى، وظهرت فوقهما دائرةٌ سوداء عملاقة في السماء.
أمطرت خطوطًا سوداء حادة اخترقت كل ما لامسته.
استدعى إيسكانور درعًا ضخماً من الحمم ووسّعه حتى حطّم الدائرة المظلمة تمامًا.
ثم اندفع بسرعةٍ هائلة، وأمسك الوحش من عنقه، مشحونًا بطاقةٍ متقدة، وضرب وجهه مرارًا وتكرارًا.
بعدها حوّل كفه إلى نصلٍ ملتهب وغرسه في قلب المخلوق.
اشتعل الجسد فورًا بالنيران.
لوّح إيسكانور بذراعه، مطيحًا بالجسد المحترق إلى الأرض المتجمدة.
رفع يده لينهيه نهائيًا… لكن الوحش تجدد جسده ووقف من جديد.
قال بصدمة:
“كيف لا يزال حيًا؟!”
رفع المخلوق يده اليسرى، وخلفه بدأت بوابة ماهول تتلون بالأخضر والأسود.
لقد كان يماطل بالوقت!
ارتفعت يده ثانية، وكأنه يستدعي شيئًا.
وفوقهم ظهرت بوابة ماهول الكاملة — دوامةٌ ضخمة من السواد والأخضر العنيف، تتقلب بوحشية في السماء.
رفع إيسكانور نظره نحوها، وفاضت الحرارة من جسده حتى ذابت الأرض من حوله.
تدفقت أنهار الحمم تحت قدميه فوق الأرض المتجمدة.
جمع قوته في يده اليسرى، فاهتزّت الأرض، وبدأت كرةٌ برتقالية متوهجة من الحمم تتشكل، تكبر مع كل نبضة قلب.
وبزئيرٍ مدوٍّ كالرعد، دفع إيسكانور بذراعيه نحو البوّابة.
بووووووووم!!!
انطلقت شعلةٌ عملاقة من النار المنصهرة نحو السماء، اخترقت الغيوم واصطدمت ببوابة المهول.
تحوّل لون السماء إلى الأحمر القاني، وارتجّت المنطقة بأكملها.
تشققَت البوابة، وانبثقت منها موجاتٌ من الطاقة السوداء والخضراء.
للحظةٍ خُيّل للجميع أنها ستنهار…
لكن فجأة، خرجت يدٌ سوداء عملاقة من وسط اللهب، وأمسكت بحافة البوابة!
أضاءت السماء بوميضٍ مظلم، وبدأ شيءٌ ما يتسلّق للخروج.
تقدّم الكيان عبر الدوامة المشتعلة — طويل القامة، مغطى بالظلال، يعتمر جمجمة كبشٍ ذات قرنين منحنيين.
في صدره فراغٌ أجوف ينبض بضوءٍ أخضر باهت.
جسده مكوّن من عضلات رمادية مائلةٍ إلى الخُضرة، تغطيه أسمالٌ ممزقة حول خصره.
وفي يده سلاحٌ غريب، مزيجٌ بين السيف والمعول.
موووووووووووووووووووووووووووووووو!
Comments
Comments are being downloaded ...
Failure to download the comments.Please re -download the page.