الفصل الأوّل: أقسم أني سأصبح شيطان هذا العصر
كان رين طفلًا من عامة الشعب، وهذا ما كان معروفًا عنه، غير أنّ مظهره وهيئته كانا يوحيان بأنّه من طبقة النبلاء، بل وربما من العائلة المالكة نفسها. فقد كان فائق الجمال، موهوبًا في استخدام السيف، مع أنّ عمره آنذاك لم يتجاوز الثالثة عشرة. وكان بارعًا كذلك في طريقة حديثه.
عاش مع أمّه، تلك المرأة فائقة الجمال، التي كانوا يلقّبونها بـ زهرة أوثيرن. أمّا أبوه، فلم يعرف عنه شيئًا منذ صغره، وأمّه كانت ترفض ذكره أو الحديث عنه. وكان مسكنهم في بارونية فاي التابعة لمملكة أوثيرن.
وفي يوم كغيره من الأيّام، كان رين يتدرّب على السيف حين سمع فجأة صوت سوط يتردّد في الأجواء، تبعه صراخ:
“اهربوا! الإمبراطورية تهاجمنا! ساعدونا! آااااه!”
التفت رين بسرعة:
“ماذا؟! الإمبراطورية تهاجمنا؟! ما هذا؟! أمّي… إن لمس أحدٌ من هؤلاء أمي، أقسم أنّي سأقتلهم!”
ركض رين نحو بيته، بينما كان جنود بارونية فاي يصرخون:
“قاوموا!”
والنيران تشتعل من خلفه. لم يملك في خاطره سوى فكرة واحدة:
“أمّي… أرجوكِ لا… أرجوكِ يا أمّي، لا تتركيني!”
كان خائفًا إلى أقصى حدّ، فهي الوحيدة التي منحته الحنان في هذا العالم القاسي، العالم الممزّق بحروب الممالك، والإمبراطورية التي تطمح للسيطرة على القارة بأكملها.
وبينما يركض، سمع صرخات الشعب وهم يُذبحون على أيدي فرسان الإمبراطورية. لكن رين لم يأبه، فقد كان همه الوحيد أن يصل إلى أمّه. وحين وصل أخيرًا إلى بيته، وجده يحترق، والفرسان يتقاتلون أمامه؛ فرسان الإمبراطورية ضد فرسان بارونية فاي.
ضحك رين بخفوت وهو يردّد:
“لا تقولوا… أمي في الداخل!”
صرخ أحد الفرسان في وجهه:
“اهرب أيها الفتى! نحن سنواجه هؤلاء الجردان! سيصل الدعم بعد قليل، اهرب إلى مكان آمن!”
لكن الفارس نفسه ارتجف من نظرات الطفل، فقد رأى في عينيه نية قتل لا يطلقها إلا سادة فنون السيف.
رنّت كلمات رين وهو يبكي:
“أمّي… أرجوكِ لا…”
اندفع إلى داخل البيت، فلم يجد سوى الأنقاض المحترقة. هرع إلى غرفة أمه وهو يلهث:
“أمّي! لا تتركيني! أرجوكِ يا أمّي!”
دخل الغرفة، فوجدها في أنفاسها الأخيرة. اقترب منها بسرعة.
قال لها:
“أمّي، هيا بنا نهرب!”
لكنها همست بصوت متهدّج:
“يا بُني… فات الأوان.”
صرخ رين:
“لا، يا أمّي، لم يفت! الدعم من المملكة سيصل بعد قليل!”
ابتسمت له بحنانها الأخير:
“بُني، أريد أن أوصيك… ابقَ كما أنت… وابحث عن أبيك…”
وهكذا فارقت زهرة أوثيرن الحياة، تاركةً رين وحيدًا في ظلام الدنيا.
سقط رين على ركبتيه، يجهش بالبكاء:
“لماذا؟ لماذا نحن؟ نحن من عامة الشعب الذين يعانون دائمًا! لو كنتُ قويًّا فقط… لو كنتُ قويًّا!”
رفع رأسه وعيناه تلمعان بالغضب والجنون:
“أين أنت يا أبي؟! لماذا تركتنا؟! لن أسامحك أبدًا!”
ثم نهض، والظلام يكسو ملامحه، وصوته يدوّي بالقسم:
“أقسم أني سأقتل جميع النبلاء! وأقضي على الإمبراطورية! وسأصبح شيطان هذا العصر! سأقتل كل من في هذا العالم!”
تأليف: أخوكم منصف الوردي
انتظروا “رين” في الفصول القادمة…
Comments
Comments are being downloaded ...
Failure to download the comments.Please re -download the page.